الطلبة السوريون في تركيا.. لاجئين لدى الدولة سياح في الجامعات
قتيبة سميسم – أنقرة
بدأت الجامعات التركية مطلع العام الدراسي 2021-2022 بطلب أقساط جامعية مرتفعة من الطلبة السوريين دون النظر الى نوع اقامتهم في تركيا، فيما إذا كان الطلاب قد أتوا الى تركيا بقصد الدراسة أم هرباً من الموت في بلدهم، وهذا ما يحول بين النسبة الأكبر من الطلبة السوريين تحت الحماية المؤقتة في تركيا ودراستهم، حيث تتراوح الأقساط الجامعية التي تطلب منهم بحسب الفرع الدراسي بين عدة آلاف حتى 200 ألف ليرة تركية للسنة الدراسية الواحدة.
بينما كان يعامل السوريون قبل عام 2021 معاملة الطلبة الأتراك، حيث كان التعليم مجاني بالنسبة للدوام الصباحي ومدفوع بقسط رمزي للدوام المسائي في أغلب الجامعات التركية.
اتحاد طلبة سوريا
في حديث للأمين العام لاتحاد طلبة سوريا محمد السكري لـ “صدى الشام” يقول: كان ملف أقساط الطلبة السوريين في الجامعات التركية من أولوياتنا منذ بداية دورتنا، وعملنا عليه بشكل كبير جدًا خاصة عبر اللقاء مع الجهات التركية المعنية، سواء مع وزارة التعليم العالي أو مع مسؤول الطلبة الدوليين فيها، وقد قدموا لنا وعوداً لإحالة الملف إلى الرئاسة التركية وبالفعل التقينا بالسيد إبراهيم شينول رئيس التخطيط الاستراتيجي في تركيا، لاطلاعه على قضية الأقساط الجامعية وقدمنا حينها ملفات تتعلق بمدى تأثير أو انعكاس تقلص قدرة الطلبة السوريين على التسجيل على الجامعات بسبب الارتفاع الكبير جدا في الأقساط الجامعية، وعدم وجود ضوابط لهذا الارتفاع، كما طُلب منا خلال هذه اللقاءات تجهيز ملفات للمقارنة بين العينات كيف كان حجم الدعم وكيف أصبح فيما بعد، وتمت مشاركة هذه الملفات مع هيئة التخطيط الاستراتيجي وعلى إثره تم تقديم وعود لنا بحل الملف.
ويضيف السكري: في الحقيقة استمرينا بالعمل مع المنظمات السورية المحلية واتحاداتنا الطلابية في الكثير من المدن حيث كان هناك لقاءات مختلفة لتداول الملف، ولكن فيما يبدو أنه لم يكن هناك تغيير في الملف ولا في القرارات وذلك يرجع إلى توجهات مرتبطة بملف اللاجئين في تركيا.
ويرفد: أخر لقاءاتنا كانت مع مفوضية اللاجئين لدى الأمم المتحدة، حيث أجرينا لقاءين استمروا لساعات طويلة وأكدنا على أنه لا يجب التعامل مع الطالب السوري على طالب أجنبي في الجامعات ولاجئ في الحياة المدنية حيث لا يحق له التنقل بين المدن، ونقلنا بقية مطالب الطلبة السوريين في تركيا واتفقنا على وجوب وجود ورشة في أنقرة لتداول الملف.
القانون، وبعض الحلول:
للوقوف على قانونية رفع الأقساط للطلاب بشكل مفاجئ من قبل الجامعات التركية، تقول المحامية ميسون محمد أن الجامعات تملك حق رفع الأقساط بالشكل الذي تراه مناسباً، حيث لا يوجد معوق قانوني أمامها، وتضيف: في حالة رفع الجامعة الأقساط بشكل مباشر بدون سابق انذار للطلاب كي يجهزوا أنفسهم فيجب على الطلاب الاستفسار من إدارة الجامعة عن سبب رفع الأقساط دون إعلان مسبق، وطلب توضيح مكتوب بالمبررات، ومن ثم يمكن تقديم شكوى رسمية إلى مكتب شؤون الطلاب في الجامعة ضد هذا القرار غير المعلن عنه مسبقاً.
وتتابع: في حال لم يتم الرد أو كان الرد غير مقنع، يتم تقديم شكوى إلى مجلس التعليم العالي التركي “yök” للنظر في المخالفة وإلزام الجامعة بالتراجع عن القرار، كما أنه بالإمكان جمع تواقيع من طلاب الجامعة المتضررين لتقوية الشكوى المقدمة إلى “yök”.
وفي حال لم يتم حل المشكلة عن طريق تقديم الشكوى، فالخيار التالي هو اللجوء إلى القضاء الإداري للطعن في قرار زيادة الأقساط حيث يجب التنسيق مع مجموعة من الطلاب لرفع دعوى قضائية جماعية، مع تقديم المستندات اللازمة ويمكن طلب مساعدة من محامي مختص بالقضايا الإدارية.
وتنوه محمد: خلال الإجراءات القانونية، يستمر دفع القسط الأصلي المتفق عليه دون المبلغ الإضافي من الزيادة.
وعن الجامعات التركية التي أطلقت كليات تابعة لها في الشمال السوري كجامعة غازي عينتاب، يقول ماهر الرجب طالب العلوم السياسية والإدارة العامة في جامعة غازي عينتاب كلية الباب في حلب: تتراوح الأقساط الجامعية للجامعات التركية في الداخل السوري بين 400 و850 ليرة بحسب الفرع وسنة التسجيل الدراسي، وهو مبلغ بسيط يستطيع معظم الطلاب دفعه على عكس الأقساط التي تطلبها نفس الجامعة من الطلاب السوريين الذين يدرسون في جامعة غازي عينتاب نفسها.
ويضيف الرجب: تساعد بعض المنظمات بدفع الأقساط لبعض الطلاب، ولكن الأمر غالباً ما يكون مشروط ببعض الأمور، حيث كانت ال “ytp” تشترط حصول الطالب على معدل مرتفع من أجل الدعم، وبعض المنظمات المحلية تشترط حضور تدريبات أو مخيمات أو قراءة كتب معينة مقابل الدعم المالي.
غياب دور المنظمات:
وفيما إذا كانت المنظمات المعنية بالسوريين في تركيا تساهم في دعم الطلبة، يقول محمد السكري: مع الأسف لا يوجد دعم للطلاب السوريين فيما يتعلق بالأقساط الجامعية من قبل منظمات المجتمع المدني لأسباب كثيرة، ربما أهمها التركيز على الطلاب في الشمال السوري بسبب أن الحاجة في الداخل السوري أكبر منها في تركيا، وبسبب فترة الزلزال والتركيز على متضرري الزلزال والأمور المرتبطة بهذا الملف أكثر من الطلاب.
أما عن التحديات التي تواجه الطلبة السوريين في تركيا، فيقول السكري: يواجه الطلبة السوريين تحديات اقتصادية عدة أهمها الأقساط الجامعية بالدرجة الأولى، وقلة فرص العمل للطلاب السوريين، واضطرار بعض الطلبة السوريون للسفر من مدن إلى أخرى للدراسة حيث يمكن أن تكون بعيدة ولكن أقساطها أقل، وهذا ما يمكن أن ينتج عنه صعوبة في فكرة الاندماج وقلة في الكوادر بشكل كبير جدًا في سوريا مستقبلاً حيث أن نسبة المتعلمين على المستوى الجامعي ستكون محدودة خاصة أن شمال غرب سوريا بحاجة ماسة للكوادر، كما أن هذا الأمر سيعزز المشاكل في المجتمع التركي والسوري.
يقول المدير التنفيذي لاتحاد الطلبة السوريين في سكاريا، وليد عجم في حديثه لـ “صدى الشام”: تتعلق الأقساط في جامعة سكاريا بالسنة الدراسية للطالب، على سبيل المثال الطالب الذي دخل الجامعة في عام 2020 لا يعامل معاملة الطالب المستجد فيما يخص الأقساط، ولكننا نلاحظ فرق هائل بين الأقساط المتغيرة من عام لآخر.
ويرفد عجم: في العام الماضي كان يطلب من طلاب الهندسة 18 ألف ليرة تركية سنوياً، بينما حددت إدارة جامعة سكاريا القسط السنوي للعام الجديد بخمسون ألف ليرة تركية، حيث كان القسط لطالب الهندسة في السابق لا يتجاوز 600 للفصل الدراسي.
وعن عدد الطلاب السوريين المستجدين في الجامعة، يقول عجم: هناك نقص ملحوظ جدًا في عدد الطلبة السوريين المستجدين بسبب عدم قدرة الطلاب على دفع الأقساط الجامعية، الأمر الذي سيؤثر مستقبلاً سلباً على المجتمع السوري الذي سيعاني من نقص الأكاديميين والكوادر على المستوى الجامعي، كما أن العديد من الطلاب السوريين في جامعة سكاريا قد اضطروا لترك تعليمهم بسبب عدم قدرتهم على دفع أقساطهم.
ويتابع عجم: يجد العديد من الطلبة الوافدون من دول الخليج العربي الفرصة في التفوق على الطلبة السوريين المقيمين في تركيا مادياً لاستحصال القبولات الجامعية حيث أدى ارتفاع الأقساط إلى انسحاب معظم الطلبة السوريين من المنافسة على تلك المقاعد.
ويختتم عجم: حاولنا مرارًا وتكرارًا التواصل مع إدارة الجامعة لإعادة النظر في الأقساط المطلوبة من السوريين في الجامعة، ولكننا لم نحصل على أي نتيجة في هذا الملف.
بعد أن كان للطلبة السوريون في تركيا معاملة خاصة من تسهيلات في المعاملات الرسمية والجامعية، توجهت الحكومة التركية تحت ضغط المعارضة التركية والحملات العنصرية إلى البدء بحصارهم اقتصادياً ومدنياً، إذ يتم سحب الدعم منهم بين الحين والآخر على الرغم من تحقيقهم الإنجازات ومراتب الشرف على مستوى جميع الجامعات التركية.